الشيخ عبد الرزاق العباد البدر
والهداية والسَّعادة أمران متلازمان وقرينان لا ينفكَّان ؛ فمن كان مهتديًا فهو سعيد ، ومن كان ضالًّا فهو شقي، والشَّقاء قرين الضَّلال الذي لا ينفكُّ عنه ، فمتى وُجِدَ الضَّلال وُجِدَ الشَّقاء، ومتى وُجدت الهداية وُجدت السَّعادة .
والهداية والسَّعادة أمران متلازمان وقرينان لا ينفكَّان ؛ فمن كان مهتديًا فهو سعيد ، ومن كان ضالًّا فهو شقي، والشَّقاء قرين الضَّلال الذي لا ينفكُّ عنه ، فمتى وُجِدَ الضَّلال وُجِدَ الشَّقاء، ومتى وُجدت الهداية وُجدت السَّعادة .
وسبحان الله !! هـٰذا أمر يُدركه النَّاس ، من كان في بُعدٍ عن الله وطاعته والاستقامة على شرعه ثم اهتدى يُحسّ في قلبه لذَّةً كانت مفتقدة ، وحلاوةً كانت معدومة ، وطعمًا كان لا يشعر به ، فلمَّا أكرمه الله ومَنَّ عليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالهداية ذاق الحلاوة ووجد طعم السَّعادة وقرَّة العين وراحة البال وسكون النَّفس أمرًا لم يكن يجده قبل ذلك .
وأحكي لكم في هـٰذا المقام قصَّةً عجيبةً : اتصل بي قبل سنوات رجل بعد صلاة العصر وقال عندي سؤال ؛ ولـٰكن قبل السُّؤال أخبرك بحالي ، قال: أنا أبلغ من العمر سبعًا وعشرين سنة ولا يتحرَّك فيَّ من بدني إلَّا رأسي فقط . قلت: منذ متى وأنت على هـٰذه الحال ؟ قال: منذ سنتين ، قلت: وما سبب ذلك ؟ قال: حادث سيَّارة. قلتُ له : أنت في أيّ مكان ؟ قال: في المكان الفلاني ، قلتُ: أرغب في زيارتك ، وزرته في اليوم نفسه ، وأخذ يتحدَّث لي عن قصَّته حديثا مطوَّلا جلست معه ساعة ونصف ، وفي غالب ذلك الوقت كنتُ مستمعًا ومستفيدًا لأنَّ حياته فيها عبرة ، قال لي كلمة وهي موضع الشَّاهد من القصَّة ولا أطيل بتفاصيلها ،
قال لي : « والله إنَّني أحسُّ بسعادة مشيتُ على قدمي كثيرًا أَبحث عنها لم أجدها » ، كان قبل الحادث مفرِّطا، وبعد الحادث أصبح مُقبِلاً على الله ذاكرًا مصلِّيًا تاليًا للقرآن ، أحضر له أحد الأفاضل جهاز كمبيوتر يشتغل بالصَّوت ؛ لأنَّ يده لا تتحرك، وجرَّب أمامي يخاطب الجهاز فتنفتح السُّورة التي يُريد ، يخاطب الجهاز فتنفتح الآية التي يريد ، يخاطب الجهاز فينفتح التَّفسير الذي يريد ، وأمامه القرآن ويقرأ ويحفظ ويقرأ التَّفسير ولا يحتاج إلى تقليب صفحات باليد، أو ينادي أحدًا يقلب له المصحف ، الآية التي يريدها يطلبها مباشرة ويريد تفسيرها أيضًا يطلبه مباشرة ، ويقول: « والله إنَّني أجد سعادةً مشيت على قدمي كثيرا أبحث عنها لم أجدها » .
فليعتبر الإنسان الصحيح وليتعظ ؛ فالهداية والسَّعادة إنَّما تُنال بكتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، ومن طلبها من غير كتاب الله عزَّ وجلَّ لا يُحَصِّل إلّا ضياعًا ولا ينال إلّا تبابًا وخسرانًا في دنياه وأخراه
فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى
وتنبَّه هنا لقوله: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ ﴾ لأنَّ المطلوب في القرآن اتَّباعه لا مجرَّد تلاوته وإقامة حروفه ، فالقرآن إنَّما أُنزل ليُعمل به لا لمجرَّد إقامة حروفه مع إضاعة حدوده ، ولهـٰذا قال: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ ﴾ ؛ فالمعنى الّذي تترتَّب عليه السَّعادة اتِّباع الهدى لا مجرَّد حفظ القرآن أو حفظ حروف القرآن . واتِّباع هدى كتاب الله عزَّ وجلَّ فرعُ فهم القرآن وتدبُّره ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾[ص:29] فهي أمورٌ لابدّ منها لتُنال السَّعادة ؛ تلاوةٌ للقرآن ، وتدبُّرٌ لآياته ، وعملٌ به واتِّباع لهداه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق