الخميس، 23 أبريل 2015

لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّامِ واليَمَنِِ


السلام عليكم ورحمة الله

قائلها  علي زين العابدين بن علي رضي الله عنهم أجمعين حفيد فاطمه رضي الله عنها بنت الرسول صلى الله عليه وسلم



لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّامِ واليَمَنِِ = إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَفَنِ 
إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتِهِ = على الْمُقيمينَ في الأَوطــانِ والسَّكَنِ 
لا تَنْهَرنَّ غريباً حَالَ غُربتهِ = الدَّهْرُ يَنْهْرُه بالذُّلِ والمِحَنِ 
ِسَفَري بَعيدٌ وَزادي لَنْ يُبَلِّغَني = وَقُوَّتي ضَعُفَتْ والمـوتُ يَطلُبُنـي 
وَلي بَقايا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها = الله يَعْلَمُهــا في السِّرِ والعَلَنِ 
مَا أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَلَني = وقَدْ تَمـادَيْتُ في ذَنْبي ويَسْتُرُنِي 
تَمُرُّ ساعاتُ أَيّـَامي بلا نَدَم = ولا بُكاءٍ وَلاخَـوْفٍ ولا حـَزَنِ 
أَنَا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً = عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُنـي 
يَـا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَبَتْ =يَـا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ تُحْرِقُني 
دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسي وَأَنْدِبُها =وَأَقْطَعُ الدَّهْرَ بالتَّذْكِيـرِ وَالحَزَنِ 


دَعْ عَنْكَ عَذلي يَا مَنْ كان يَعْذِلُني =لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ مَا بي كُنْت تَعْذُرُني 
دَعْني أَسِحُّ دُمُوعاً لا انْقِطَاعَ لَهَا =فَهَلْ عَسَى عَبْرَةٌ مِنْهَا تُخَلِّصُني 
كَأَنَّني بَينَ جل الأَهلِ مُنطَرِحَاً =عَلى الفِراشِ وَأَيْديهِمْ تُقَلِّبُني 
وقد تجمع حَوْلي مَنْ يَنُوحُ ومَنْ =يَبْكِي عَلَيَّ ويَنْعَاني وَيَنْدُبُني 
وَقد أَتَوْا بطَبيبٍ كَيْ يُعالِجَني =وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هـذا اليـومَ يَنْفَعُني 
واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُها =مِن كُلِّ عِرْقٍ بلا رِفقٍ ولا هَوَنِ 
واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها =وصـَارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَني 
وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفوا = بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ 
وَقـامَ مَنْ كانَ حِبَّ النّاسِ في عَجَلٍ =نَحْوَ المُغَسِّلِ يَأْتينـي يُغَسِّلُنـي


وَقالَ يا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً =حُراً أَرِيباً لَبِيبـاً عَارِفـاً فَطِنِ 
فَجاءَني رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَني =مِنَ الثِّيــابِ وَأَعْرَاني وأَفْرَدَني 
وَأَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحاً =وَصـَارَ فوْقي خَرِيرُ الماءِ يَنْظِفُني 
وَأَسْكَبَ الماءَ مِنْ فوقي وَغَسَّلَني =غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَوْمَ بالكَفَنِ 
وَأَلْبَسُوني ثِياباً لا كِمامَ لهـا =وَصارَ زَادي حَنُوطِي حيـنَ حَنَّطَني 
وأَخْرَجوني مِنَ الدُّنيا فوا أَسَفاه =عَلى رَحِيـلٍ بلا زادٍ يُبَلِّغُنـي 
وَحَمَّلوني على الأْكتـافِ أَربَعَةٌ =مِنَ الرِّجـالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُني 
وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفوا =خَلْفَ الإِمـَامِ فَصَلَّى ثـمّ وَدَّعَني 
صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لهـا =ولا سُجـودَ لَعَلَّ اللـهَ يَرْحَمُني


وَأَنْزَلوني إلـى قَبري على مَهَلٍ = وَقَدَّمُوا واحِداً مِنهـم يُلَحِّدُنـي 
وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني =وَأَسْبل الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني 
فَقامَ مُحتَرِمــاً بالعَزمِ مُشْتَمِلاً =وَصَفَّفَ اللَّبنَ مِنْ فَوْقِي وفـارَقَني 
وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِمواِ =حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ 
في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هنــاك ولا =أَبٌ شَفـيقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّسُني 
وَهَالَني صُورَةْ في العَين إذ نَظَرَتْ =مِنْ هَوْلِ مطلع ما قَدْ كَانَ أَدْهَشَني 
مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ مـا أَقولُ لهم =قَدْ هــَالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني 
وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهـِمُ =مَـالِي سِوَاكَ إِلهـي مَنْ يُخَلِّصُنِي 
فَامْنُنْ عَلَيَّ بعَفْوٍ مِنك يــا أَمَليِ =فَإِنَّني مُوثَقٌ بالذَّنْبِ مُرْتَهــَنِ



تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا =وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني 
واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لهـا بَدَلي =وَحَكَّمَتْهُ على الأَمْوَالِ والسَّكَـنِ 
وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَهــا =وَصَارَ مَـالي لهم حـِلاً بلا ثَمَنِ 
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيــا وَزِينَتُها =وانْظُرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ والوَطَنِ 
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بأَجْمَعِها =هَلْ رَاحَ مِنْها بغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ 
خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بها =لو لم يكن لك إلا راحة البدن
يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً =يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقوفٌ عَلَى الوَهَنِ 
يـَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي =فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني 
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً =عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بالحَسَنِ 
ثمَّ الصلاةُ على الْمُختـارِ سَيِّدِنـا =مَا وَضّـأ البَرْقَ في شَّامٍ وفي يَمَنِ 
والحمدُ لله مُمْسِينَـا وَمُصْبحِنَا =بالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْســانِ وَالمِنَنِ


للإستماع مباشر   


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق