لمن يعقل
ويتدبّر ويتفكّر: الولاء للإسلام .. لا
للوطن!
الحمدُ
لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
*مقتبس من مطويّة
مكتبة الهمّة: الولاء
للإسلام .. لا للوطن!
فإنَّ
من أخطر ما خلّفه الغزوُ الصليبي الفكري الحديث على
المسلمين هو زرعُه في نفوسِ بعضهم -على حينِ غفلةٍ منهم- مفاهيمَ هدّامة، تهدمُ
دينَ العبدِ من أصله وتدمّرُ المجتمعَ المسلم وتهدّدُ وجود الأمةَ الإسلامية
برمّتها!
ومن أخبثِ
هذه المفاهيم التي تجذّرتْ في نفوسِ البعض هي (الوطنية).
التعريف
بالوطنية وأصلُها التاريخي:
الوطنية
لغةً من الوطن،
والوطن: هو
المنزل الَّذي تُقيمُ فيه، وهو موطن الإنسان ومحله، والمكان الذي يأوي إليه،
والجمعُ أوطان.
أما
اصطلاحاً
فهي مفهوم
ظهر في أوربا على إثر تحوّلات فكرية وسياسية أدّت إلى إعادة هيكلة المجتمعات
الأوروبية، من مجتمعات دينية تتكتّل على أساس المذهب (بروتستانت، وكاثوليك،
وأرثوذوكس، وأرمن) إلى مجتمعات تتكتل على أساس القوميّة (القوم) والجغرافيّة
(الوطن)،
فوُلدتْ
آنذاك الدول القوميّة والوطنيّة، واتَّخذتْ من العلمانيّة (اللادينيّة) منهجاً
لحياتها كردَّة فعل على ظلم الكنائس وفساد الباباوات وبطش الحاكم باسم الدين،
والصراع الديني-المذهبي الأوربي الدامي الذي حصد الكثير من الأرواح والثروات.
فالوطنيّة
-كمفهوم ومنهج وَجَدَ طريقه للتطبيق في أوربا- تستند إلى فكرة (الوطن)،
والوطن هو
البلد الذي يعيش فيه جماعة من الناس، تتفق على أن تلتزم بالولاء للوطن وسيادة
القانون الوضعيّ وطاعة حاكم الوطن،
وبناءً
على نظريّة الوطن يكون للمواطن (ابن البلد) حقوق تختلف عن غير المواطن (الأجنبي)، ومقابل ذلك على المواطن أن يدافع عن هذه المنظومة الوطنيّة
ويوالي من والاها ويعادي من عاداها.
هذا هو
أصل الوطنيّة التي أدخلها الغربُ العلمانيّ لبلاد الإسلام وفرضَها الغازي الصليبيّ على المسلمينَ بالقوّة قبل عقودٍ من
الزمان، بعد أن احتلَّ ديارهم عسكرياً وقهر سكّانهم على اعتناق مبادئه، ليجعل ولاء
المسلم لمنطقته لا لدينه، فَتَضْعَفُ هنالك لُحمةُ المسلمين وتـتشتَّتُ قوتُهم،
وتَسْهُل عندها السيطرةُ عليهم.
فانتشرتْ
نابتةُ الوطنية الخبيثة بين أبناء الإسلام، وعاشَ المسلمون -الكثيرُ منهم- ردحاً من الزمن يوالون المواطن (شريك
الوطن) ويعادون الأجنبي (شريك الدين)!
وظهرتْ
وراجتْ مصطلحاتٌ خبيثة اشتُقَّتْ من الوطنيّة، مثل:
(الله، الوطن،
القائد)
و(الدين
لله والوطن للجميع)
و(وحدة
تراب الوطن)
و(الوطن
أولاً)
و(المقاومة
الوطنية)
و(تونس ليك
تونس ليّا تونس دولة علمانيّة)....
وغيرها
كثير.
الوطنيّة
بنتُ القوميّة:
ومن نفس
المنطلق السابق؛ إنْ كانت الوطنيّة تعني الولاء على
أساس الوطن؛ فإنَّ القوميّة تعني الولاء على
أساس القوم.
فالقومية
لغةً من (القوم)،
وقومُ
الرجل: شيعتُه وعشيرتُه،
أمّا
القوميّة اصطلاحاً فهي رابطة للمجتمع تربط بين مجموعة من البشر يشتركون بخصائص
وصفات مشتركة، كاللّغة أو اللون أو العرق أو التاريخ... إلخ.
فالقوميّة
من المناهج الجاهليّة المنحرفة التي غزت ديار الإسلام بعد سقوط الخلافة وزوال دار
الإسلام، حيث كانت نابتةُ القوميّة من
أُولى معاول الهدم التي دكّت أسس العقيدة الإسلاميّة، وجعلت من الانتماء للقوميّة
-العربية أو الخليجية أو الأفريقية أو التركية... أو غيرها- أساساً للاجتماع
والولاء والنصرة!
ومن رَحِم
هذه "القوميّة" الخبيثة وُلدتْ "الوطنيّة" المقيتة، فمبدؤهما
واحد وحكمُهما واحد.
حُكْمُ
الوطنيّة في الإسلام:
بحسب ما عُرضَ آنفاً
مِنْ أنَّ الوطنية تعني ترك عقيدة الولاء والبراء
الإسلاميّة وإحلال عقيدة الولاء والبراء
الوطنيّة؛ فإنَّ الوطنيّة كفرٌ أكبرٌ مخرجٌ من الملّة، وكلُّ مَنْ اعتنقها أو دعا
لها أو عمل لأجلها فهو مرتدٌّ عن دين الإسلام، والنقطة التالية ستبيّن جانباً من
ذلك.
بعضُ
مفاسدِ دينِ الوطنيّة:
أوّلا: الوطنية شركٌ بالله تعالى: الوطنية دينٌ باطلٌ، ومنهجٌ جاهليٌّ يدعو
لاتخاذ الوطن وثناً وطاغوتاً يُعبد من دون الله، فهي تُلزم الناس بالعمل لها وحدها،
والتّضحية والقتال في سبيلها، وصرف البغض والبراء لكل خارج عن حدود أرضها وإن
كانوا أولياء لله، وصرف الحبّ والولاء لكل داخل في حدودها وإنْ كانوا من أعظم
الناس كفراً وأغلظهم شركاً؛ وهي بهذا تكون نداً معبوداً من دون الله، قال تعالى:
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ
كَحُبِّ اللّهِ}
[البقرة:
165].
ثانياً:
الوطنيّة تنقضُ عقيدةَ الولاء والبراء: ذلك
أنَّ أصل الولاء والبراء
في الإسلام قائمٌ على المفاصلة والمفارقة بين المسلمين وغيرهم على أساس الدين، كما
قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا *
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}
[المائدة: 55]،
وقال
سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا
دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ
وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ}[المائدة: 57]،
أما
الوطنيون فالموالاة عندهم قائمة على أساس الانتماء للأرض التي تحيطها حدود الوطن،
وهذا يلزم منه إزالة الفوارق التي وضعها اللهُ سبباً شرعيّاً للمفاصلة من الكفار،
وتلك مصادمة صريحة لنصوص الشرع الصحيحة، قال تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ
بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ
أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}
ثالثاً:
الوطنية تعطّلُ أحكام الديار والهجرة:
ذلك أنّ
جَعْلَ الرابط الوطنيّ مهيمناً على رابط الدّين يُلزم منه اختلاط الأحكام على الناس،
فمن الأمور المستقرّة في الشريعة أنَّ دار الكفر التي تعلوها أحكام الكفر تختلف عن
دار الإسلام التي تعلوها أحكام الإسلام وتُحكم بما أنزل الله،
ولكلٍ
منهما أحكامها التي تميّزها، ومن هذه الأحكام وجوب الهجرة من دار الكفر إلى دار
الإسلام،
أمّا في
دين الوطنيّة فلا مجال للكلام عن هذه المسائل البتّة، لأنَّ المواطن يلزم الوطن،
بل ويدافع عنه وإن كان ذلك الوطن دارُ كفر وردّة وحرابة.
رابعاً:
الوطنيّة
تلغي التّمايز بين المسلمين والكفّار:
فتخلط بذلك
بين مسمّى الإيمان ومسمّى الكفر؛ لأنَّ جَعْـلَ الانتماء للأرض أساساً لمعاملة
الناس يُزيل حتماً الفوارق المبنية على أساس الدّين، والتي جعلها الله السّبب
الشرعيّ للتمييز بين الناس في الدّنيا والآخرة،
فالوطنيّة
تجعل الناس مؤمنَهم وكافرَهم، برّهم وفاجرهم في مرتبة واحدة،
وهذا
تكذيبٌ صريحٌ لنصوص الدّين القطعيّة، التي منها:
{أَفَنَجْعَلُ
الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}
[القلم:
35-36]،
ومنها:
{أَمْ
نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي
الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}
[صّ: 28].
خامساً:
في الوطنية
تعطيل لجهاد الطلب:
وهو أحد
نوعي الجهاد في سبيل الله، والذي يكون بقتال الكفار في عقر دارهم حتى تكون كلمة
الله هي العليا، أمّا عند الوطنيين فالجهاد لا يتجاوز الدّفاع عن حدود الوطن ضدَّ
الاعتداء الخارجيّ، والغاية العظمى لهم هو الحفاظ على وحدة تراب الوطن وسلامة
أراضيه، أمّا تجاوز هذه الحدود طلباً للكفار الذين يلوننا؛ فهو اعتداءٌ وخرقٌ
"للأمن الوطنيّ" لدول الجوار، كما أنه نسفٌ "للسّلم الدولي"
وإساءة لعلاقات "حسن الجوار" وتدخّلٌ سافرٌ في "الشؤون
الداخلية" لهذه الدول!!
وهذا الأمر
تعطيل صريحٌ لفريضة الجهاد، وردٌّ للأحكام المعلومة من الدين بالضرورة في قتال
الكفّار حيثما وُجدوا حتى يُعبد الله وحده، ويزول الشرك من الأرض ويُحكم بما أنـزل
الله.
سادساً: في الوطنية الفُرقة والاختلاف: كونها تفرِّق بين المسلمين، وتجعلهم أوطاناً وقوميات متنافرة، كلٌ
منها يتعصَّب لأرضه وتاريخه وتراثه، فهي تفصل المسلم العربي عن أخيه المسلم
العجَمي، بل وتفرِّق بين العرب أنفسهم، فهذا عراقي وذاك سوري وهناك مصري...إلخ،
وكذا تفرق بين المسلمين العجم كالأتراك والكُرد والفرس، وفي ذلك تضادٌّ لأمر الله
بالتجمّع والاعتصام، كما في قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً
وَلاَ تَفَرَّقُواْ} وفيه مساس بأخوّة الدين التي وصفها الله تعالى بقوله:
{إِنَّمَـا الْمُــؤْمِـنُونَ إِخْـوَةٌ} وهي الصورة النّاصعة التي جسّدها
الصحابةُ (رضي الله عنهم)، فحمزة القرشي وبلال الحبشي وصهيب الرّومي جمعهم الإسلامُ
لا الوطن.
سابعاً: الوطنية من دعاوى الجاهلية: فالإسلامُ حارب دعاوى الجاهلية سواء كانت
مرتبطة بلون أو جنس أو عرق أو وطن أو مذهب... إلخ، ولا شكَّ أنَّ دعوة القوميّة
والوطنيّة دعوة إلى غير الإسلام، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:"مَنْ
قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً
فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ"
[رواه
مسلم]،
قال شيخ
الإسلام ابنُ تيمية: "كل من خرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو
جنس أو مذهب أو طريقة، فهو من عزاء الجاهلية"
[مجموع
الفتاوى]،
ولاشكَّ
أنَّ أرباب القوميّة والوطنيّة يدعون إلى قوميّة عصبيّة ووطنيّة جاهليّة ويتفاخرون
بالعروبة والوطن، والإسلام براءٌ منهم ومن مناهجهم الكفريّة.
فالمسلم
يعيش من أجل لا إله الا الله ويقاتل من أجل لا إله الا الله ويحيا تحت لا إله الا
الله ويموت لأجل لا إله الا الله.
شبـهـةٌ
ورد: دائماً ما يُشغِّبُ الوطنيون بأنَّ حبَّ الوطن من الإيمان!
ويتغنَّون
بأنَّ الموتَ في سبيل الوطن شهادة! وغيرهما من الشبه التي يُلقونها في أسماع
رعيتهم.
وللرد
على ذلك نقول:
أما مقولة
(حبُّ الوطن من الإيمان) فلا هي بحديث ولا أثر، فهي باطلة سنداً، كما أنها باطلة
متـناً! إنها مقولة ساقطة تعارض الشرع، لأنَّ جعل حبِّ الوطن أحد معايير أو درجات
الإيمان فيه افتيات على شرع الله تعالى، إذ كيف يكون ذلك إن كان الوطن دار كفر!
أيُحِبُّ المسلمُ الكفر!؟
وأمّا مقولة (الموت دفاعاً عن الوطن شهادة)
فهذه فِرية واضحة، لأننا إنْ سلّمنا بها سنكون والكفارُ المدافعين عن أراضيهم
سيّان! فما الفرق بيننا إذاً! إن الشهيد هو مَن قاتل لتكون كلمة الله هــي العليا
كما صحَّ عنه (صلى الله عليه وسلم)،
أمّا مقولة: "من قُـتل دون أرضه فهو شهيد" فهي زيادة على حديث «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهيدٌ،
وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قتِلَ دُونَ دِينهِ فَهُوَ
شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» الذي أخرجه أحمد وأبو داود
والنّسائيّ والترمذيّ بسندٍ صحيح،
ولم نعثر على هذه
الزّيادة في كتب الحديث!"من
قُـتل دون أرضه فهو شهيد"
ولو سلّمنا
جدلاً بأنَّ هذه المقولة صحيحة؛ فإنَّ الأرض التي يُقتلُ المسلمُ منْ أجلها شهيداً
هي دارُ الإسلام التي تُحكَم بشريعة الله، فيُدافعُ عنها المجاهدُ ويقاتلُ كلَّ
مَنْ يصولُ عليها حفاظاً على أحكام الإسلام التي تعلوها لا حفاظاً على تربتها التي
قد تصيرُ في يومٍ ما دارَ كفر وردّة وحرابة كما في الكثير من البلدان اليوم.
تنبيهٌ
ونصيحة: ولا يفوتنا أن ننوّه -ولا نُنكر- بأنَّ المرءَ مجبولٌ على حبِّ الديار
التي وُلد أو عاش فيها، فهذه محبّة فِطريّة لا يجحدُها إلا من انحرفتْ فطرتُه،
فالله عزّ وجلّ خاطب نبيّه (صلى الله عليه وسلم) بقوله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ
وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ
شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144]،
"فأما
قوله: (فلنوَلينَّك قبلة تَرْضَاها)، فإنه يعني: فلنصرفنَّك عن بيت المقدس إلى
قبلة (ترضاها): تَهواها وتُحبها"[تفسير الطبري]، وهي مكة التي قال عنها النبي
(صلى الله عليه وسلم): «ما أطيبك من بلد، وأحبك إليِّ، ولولا أنَّ قومي أخرجوني
منك ما سكنتُ غيرك» [رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريب]، وهذا إعلانٌ منه
(صلّى الله عليه وسلّم) عن حبّه لموطنه الذي وُلدَ ونشأ وتربّى فيه.
ومثلُ
هذا الحبِّ، كباقي أنواع المحابِّ الفطرية التي جُبل الإنسان عليها، ليس بمحضور ولا مكروه، لكنْ بشرط أن لا تتجاوز المحابُّ حدَّها، ولا
تتعارض مع ما أمر الله به ونهى، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ
وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ
اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا
أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ
فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ
الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]، فمحبّة الإنسان للنفس والأهل والعشيرة والمال
والأوطان محبّة طبيعية لم يحرّمها الشرع ما لم تتجاوز حدّها، ومجاوزة الحد هنا هو
تقديم هذه المحابّ على محبّة الله ورسوله والجهاد في سبيله.
ومن ذلك
أنَّ المسلم مأمور بالهجرة من البلد التي لا يتمكّن فيها من إقامة دينه،
وإنْ كان
ذلك البلد موطنه الذي نشأ وترعرع فيه وأحبّه، وقد امتثلَ خيرُ البشر (صلّى الله
عليه وسلم) وخيرُ القرون (صحابتُه رضوان الله عليهم) لأمر الله عندما هجروا ديارهم
التي أحبُّوها (مكة)، وأموالهم التي اقترفوها، وأهليهم وأقاربهم؛ إلى ديارٍ جديدة
غريبةٍ عليهم (المدينة)، حيث لا أهلَ لهم فيها ولا مال!
لِمَ؟
لأنَّها
دارُ إسلامٍ ودولةٌ إسلاميّة
***
واليوم
بعدما منَّ الله على المسلمينَ….{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي
أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي
الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا
فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء: 97]،
وهذا
الوعيد الشديد فيمن آثرَ حُبَّ الوطن وتقاعسَ عن واجب الهجرة، "للمحافظة على
دينه وعقيدته,فكيف بمن هجر دار الإسلام إلى ديار الكفر كما فعل بعضُ المحسوبين على
المسلمين، الذين غادروا ولجؤوا لدول ومنـاطق تحت سيطـرة الروافـض والعلمانيين
والصليبيين، فماذا سيقولون لله عزَّ وجلَّ يوم القيامة؟!
نسأل الله
تعالى أن يهدي المسلمين
اللهم آمين
وآخر
دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
__________________________
.:: إفريقيّة للإعلام ::.
*مقتبس من مطويّة مكتبة الهمّة: الولاء
للإسلام .. لا للوطن!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق