الخميس، 28 مايو 2015

الفرق بين : الكافرين ، والكفار ، والذين كفروا



إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا 

بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ 

أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5)



الفرق بين : الكافرين ، والكفار ، والذين كفروا



أولاً- السؤال : هل هناك فرق في الآيات التي تتكلم عن القتال بلفظ ( الكفار ) . أي : الذين هم يحاربونكم ويعادوكم ، وإذا تكلمت عن الإحسان والعدل إليهم ؛ لكي يعرفوا أخلاق المسلمين تستخدم لفظ ( الكافرون ) ؟
خلاصة السؤال هو : هل في استخدام كلمة ( الكفّار )
تشديد ، و( الكافرون ) أو ( الكافرين ) تخفيف ، أم لا فرق بينهما ؟

ثانيًا- وفي الإجابة عن ذلك هو

1- لفظ ( الْكَافِرُونَ } جمع émoticône frown كافر ) ، على وزن ( فاعل ) . ولفظ ( الكُفَّارِ )
جمع émoticône frown كَفَّار ) بفتح الكاف ، على وزن ( فعَّال ) ،
وكلاهما من قولهم : كفر يكفر ، فهو كافر ، وكَفَّار . والكفر في اللغة هو السَّتْرُ والتغطية . ووُصِفَ الليل بالكافر ؛ لأنه يغطي كل شيء . ووُصِفَ الزارع بالكافر ؛ لأنه يغطي البذر في الأرض . وكُفْرُ النعمة وكُفْرانُها : تغطيتها بترك أداء شكرها .

قال أحدهم
:« لو جاز أن تعبد الشمس في دين الله ، لكنت أعبدها ؛ فإنها شمس ما ألقت يدًا في كافر ، ولا وضعت يدًا إلا في شاكر » .
فالكفر يضادُّه الشكر ، وفي اصطلاح الشرع يضادُّه الإيمان ، وهو مصدر سماعي لكَفَر يكفُر . وأصله : جَحْدُ نعمةَ المُنْعِم ، واشتقاقه من مادة الكَفْر ، بفتح الكاف ، وهو السَّتْرُ والتَّغطِيةُ ؛ لأن جاحد النعمة قد أخفى الاعتراف بها
؛ كما أن شاكرها أعلنها ؛ ولذلك صيغ له مصدر على وزن الشُّكر ، وقالوا أيضًا : كُفْرانٌ ، على وزن شُكْران . ثم أطلق
الكفر في القرآن الكريم على جحود الوحدانية أو الشريعة أو النبوة ، بناء على أنه أشد صور كفر النعمة ؛ وذلك أعظم الكفر .واستعمال الكفران في جحود النعمة أكثر من استعمال الكفر .
ومنه قول الله تعالى :﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ ﴾(الأنبياء:94) .
واستعمال الكفر في الدين أكثر من استعمال الكفران . 

ومنه قول الله تعالى :
﴿
وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً ﴾(النساء:136) 

، وقوله سبحانه وتعالى 
:﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ
(المائدة:44) 

. وأما الكُفُور فيستعمل فيهما جميعًا ؛ كما في قول الله تعالى :﴿ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُوراً
(الإسراء: 99) .

2- جاء الأمر في سورة ( الكافرون﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ من الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه بندائهم بوصف الكافرين :
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ ؛ لأنه لا يوجد لفظ أبشع ولا أشنع من هذا اللفظ ؛
لأنه صفة ذمٍّ عند جميع الخلق ؛ كما لا يوجد لفظ أبلغ في الكشف عن حقيقة هؤلاء ، وأشدُّ وقعًا عليهم ، وإيلامًا لهم من لفظ { الكافرين } 
، فهو ثمرة للجهل ، وصفة ذَمٍّ ثابتة ؛ ولكونه كذلك لم يقع الخطاب به 
في القرآن الكريم في غير موضعين ، هذا أحدهما .
والثاني قوله تعالى
:﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ
(التحريم:7) .

والفرق بينهما :
 أن ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ يحتمل أن يكونوا قد آمنوا ثم كفروا .

وأما ﴿
الْكَافِرُونَ ﴾ 
فيدل على أن الكفر صفة ملازمة لهم ثابتة فيهم ؛ سواء كانوا أصحاب عقيدة يؤمنون بأنها الحق ، أو كانوا من المشركين ، عبدة الأوثان والأصنام .

وأما لفظ {
الكُفَّار

فالتشديد فيه للمبالغة في الوصف ، ويطلق في اصطلاح القرآن أكثر ما يطلق على المشركين ، عبدة الأوثان والأصنام ، وقد يطلق ويراد به عموم الكافرين ؛

كما في قوله تعالى:
﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ
(الفتح:12) ،

وقال تعالى 

:﴿ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ
(البقرة:276) 

، فأتى بصيغة المبالغة في الكافر والآثم ، وإن كان تعالى لا يحب الكافر ، 

تنبيهًا على عظم أمر الربا ومخالفة الله عز وجل .

وقال تعالى :
﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
(المائدة: 57 ) 

، ففرق بين الكفار ، وأهل الكتاب وهم كفار

. وقال تعالى 

:﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ
(التوبة: 73 ) ،

ففرق بين الكفار والمنافقين ، والمنافقون كفار بلا ريب .وبهذا الذي ذكرناه يظهر الفرق في استعمال القرآن الكريم للفظ {
الكافرين } ، ولفظ { الذين كفروا } ، ولفظ { الكفار } ،
والله تعالى أعلم ، والحمد لله رب العالمين .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق